بقلم:/ المصطفى بن أمون
من الصعب عليّ أن أعبر لكم عن الشعور الممضِّ بالغيرة والهوان, بل ربما بالحيرة والحرمان..! في آن واحدٍ الذي انتابني وأنا أقرأ في المواقع الوطنية كافة وفي بعض الوسائط الاجتماعية عن مهرجان عيون المكفه الثقافي المنظم في الآونة الأخيرة في ولاية الحوض الغربي بمدينة لعيون عاصمة الولاية حيث تداعى له سائر أبناء الولاية من كل حدب وصوب, ومن مختلف الاتجاهات والمشارب والوظائف وحتى من مختلف الإدلوجيات والتموقعات السياسية والثقافية والاجتماعية...إن صحَّ التعبير! هاهم أطر ونخب ولاية الحوض الغربي وعلى مرأى ومسمع من الجميع, وفي مشهد مهيب قلّ نظيره..!! قد نسواْ أو تناسواْ خلافاتهم السياسية والإدلوجية والمناطقية وو...وتداعواْ غير خزايا ولا نادمين يدا بيد, غير آبهين بما يعترض سبيلهم من مطبات وعوائق.. من أجل الرفع من مستوى ولايتهم الثقافي والعلمي والإنساني.. وربما البيئي والسياسي ولم لا؟! لتظلّ وإلى الأبدْ جوهرة الشرق بلا منازع, فهنيئا لهم وهنيئا لها على ما حباها الله به من أبناء بررة آلواْ على أنفسهم ألاّ يعيقهم عائق مهما كان شكله أو جسامته دون التّوحد في مشهد مهيبٍ ومميز, من أجل الرفع من مستوى ولايتهم الثقافي والعلمي والمعيشي...إلخ, ومع أهمية هذا المهرجان الثقافي المنظم بولاية الحوض الغربي إلاّ أنها ليست فيه بدعا من الولايات الأخرى, ففي الوقت الذي أسطّر فيه هذه الأحرف يقام في ربوع ولاية تيرس زمور وبالتحديد في مقاطعة بئر أم اكرين الأسبوع الثقافي للولاية في دورته السادسة, كما نظم مؤخرا مهرجان الشمال في بلدية بنشاب بولاية إنشير, ونظم مهرجان ثقافي آخر في مدينة الشامي بولاية داخلة انواذيبو, كما تم تنظيم مهرجان في الآونة الأخيرة في ولاية كيديماغه مثلت فيه بعض بلديات الدول المجاورة, وهناك مهرجان التمور الذي ينظم سنويا بولاية تكانت, كما هناك مهرجانات المدن القديمة التي تنظم من طرف وزارة الثقافة والصناعة التقليدية كل سنة, وبالعودة إلى الحوض الغربي ففيها يقام كل سنة مهرجان عين فربة الثقافي وكلما ذكرته هنا فقط على سبيل المثال لا الحصر من مهرجانات وندوات ومؤتمرات...ثقافية وعلمية تقام هنا وهناك على طول البلاد وعرضها, ورغم كل هذا الحراك الثقافي المحموم والهادف واللاّ محدود, ظلتْ ولاية لعصابة للأسف الشديد,وبمقاطعاتها الخمس وبلدياتها السبع والعشرين,
وبتاريخها الثقافي والعلمي الثْرْ وبموقعها الجغرافي والإستراتيجي المميز, أقول ظلت وللأسف الشديد من بين جميع ولايات الوطن, الاستثناء الذي يؤكد القاعدة في هذا المجال!!! فما عدى بضع ندوات ووقفات ثقافية محتشمة وخجولة إلى أبعد الحدود!, يقوم بها بعض النوادي الشبابية في مدينة كيفه لا يوجد حسب علمي أيَّ: منبر إعلامي أو ثقافي أو اجتماعي يهتم بالثقافة في هذه الولاية المترامية الأطراف والأبعاد..ولا هم يحزنون!! ألا يحق لنا أنْ نتساءل هنا بحرقةٍ وإلحاح, هل ولاية لعصابة أقلُّ شأنا من كل هذه الولايات جمعاء؟؟!! اعتقد جازما أنها ليستْ أقل منهم شأنا ولا حضارة ولا عطاء علميا أو ثقافيا أو أدبيا.. خلال القرون السالفة, ولكن كما يقول الشاعر الماضي:
نعيب زماننا والعيب فينا***ومال زماننا عيبٌ سوانا
أو كما يقول المثل الشعبي السائر عندنا: (عيب الدار على من بقى فيها)
إنّ ولاية أنجبتْ الأعلام أبناء مايابى والفطاحلة الشرفاء أبناء ديد رحمهم الله تعالى ورضي عنهم وأرضاهم, وأنجبت الشيخ محمد الأمين بن أحمد زيدان المعروف اختصارا بعالم ارقيبه وأنجبت العلامة محمد عبد الله ابن الشيخ أحمد, وعاش بها ردحا من الزمن العلاّمة اللوذعي غال ابن المختارفال وأنجبت العلامة عبد الله بن إمام الجكني وأنجبت عبد الله ابن النهاه الحاجي والعالم الزاهد محمد محمود بن تقي الله رحمهم الله تعالى جميعا, وأنجبت العالمين الجليلين: العلامة الرباني الحاج بن فحفو والعالم الورع أحمد فال بن أحمدن حفظهما الله تعالى وأبقاهم ذخرا وفخرا لهذه الولاية الحبيبة, وأنجبتْ وأنجبتْ...والحبل على الجرارْ بحول الله وقوته.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم***إذا جمعتنا يا جرير المجامع
أقول إن ولاية أنجبت مثل هؤلاء العلماء الأجلاّء ممّن ذكرت أسمائهم ومن عدلت عنهم لا جهلا بهم ولا نسيانا ولكن مخافة التطويل المملّ, لحقيق بها ولها.. أن تحمل مشعل العلم والثقافة عاليا خفاقا في جميع مدنها وقراها ولا تخاف في ذلك لومة لائم,.
فيا نخب وأطر ومثقفي ورجال أعمال وسياسي ووجهاء وو... ولاية لعصابة أليس منكم رجل أريبْ!؟ أليس فيكم رجل غيور لمصلحة ولايته ومرابع طفولته وصباهْ!!؟ هل فيكم من يحسُّ بانتمائه لهذه الولاية الحبيبة ما عدى أوان الانتخابات والاستحقاقات السياسية والمصالح الضيقة والآنيه..!!؟؟ متى يا ترى يتداعى كل الذين ذكرت أسمائهم آنفا كلٌ باسمه ووسمه, كما تداعى إخوانهم في ولاية الحوض الغربي المجاورة للرفع من مستوى ولايتهم الثقافي والعلمي والبيئي ...إلخ؟؟, أمْ أنكم تريدونها فقط بقرة حلوبا إبَّان كل الاستحقاقات لتقاسم كعكتها ومناصبها.. وأما ما عدى ذلك فلا تشعرون بالانتماء إليها؟؟!! إنّ لله في خلقه شئون!
إنّ الأولى ذكرتهم من العلماء الأجلاّء والفطاحلة النّبهاء قد أبلواْ بلاء حسنا في الرفع من مستوى بلاد المنارة والرباط شنقيط بصفة عامة, كما رفعوا من قيمة وحضور هذي الولاية العزيزة بصفة خاصة, وغادروها معلمة للعلم والعلماء, ومأذنة للأدب والعطاء..فرحمهم الله تعالى وجازاهم أحسن الجزاء, فقد أدواْ ما عليهم وخلاهم ذمٌ.
وأخشى ما أخشاه ونحن ندّعي أننا أبناء وأحفاد هؤلاء الأعلام الأجلاء, أنْ يصدق فينا بعدهم قول القائل:
لأنْ فخرت بآباءٍ ذوي شرفٍ***قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدُ
وخلاصة القول أنّ ولاية لعصابة بحاجة ماسّة لكل نخبها ومنتخبيها وأطرها ومثقفيها وسياسييها ووجهائها ورجال أعمالها ومجتمعها المدني وحتى البدوي إن وجدْ, إنني من هذا المقام أدعوا كل هؤلاء كلٌ باسمه ووسمه أن ينبذوا عنهم ران التخاذل والخمول..وأنْ يهبوا على قلب رجل واحدٍ منهم, من أجل تثمين ونشر تراث وقيم ومآثر وثقافة... ولايتهم قبل فوات الأوان, ولات حين مناص, وإلاّ فليعلنوا براءتهم منها وبراءتها منهم فذلك أجمل لهم ولها ما داموا عاجزين عن ردِّ الجميل لها وإعطائها بعضا مما تستحق عليهم!! على حدّ قول القائل:
إذا لمْ تستطعْ أمراً***فدعه وجوزه إلى ما تستطيع
إنْ دام هذا ولمْ يحدثْ له غيرٌ***لم يبك ميتٌ ولمْ يُفرحْ بمولود.
ومع هذه اللوحة القاتمة التي رسمتها عن الثقافة في ولايتنا الحبيبة, يبقى الأمل في الله تعالى ولطفه وتوفيقه مناط الاعتماد والسدادْ...والحياة دروب...,وفي آخر النفق وميض.
ولله الأمر من قبل ومن بعد, وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
بقلم:/ المصطفى بن أمون بتاريخ:12/02/2017م