عندما يكون النظام رخوا ، و يكون الشعب ضعيف الذاكرة .. 

خميس, 2023-04-06 19:41

محمد سالم الشيخ

 

مر بنا قبل فترة قليلة حدثان مهمان جدا ، أثرا بشكل مباشر على حياتنا و اهتماماتنا و نشأت عنهما مواقف متعددة و مطالبات كبيرة .. في الحدث الأول تم قتل الصوفي ولد الشيباني في مفوضية للشرطة بطريقة شنيعة ، فحاولت الإدارة العامة للشرطة التغطية على الحدث ، و حماية عناصرها ، قبل أن يهب الشعب الموريتاني عن بكرة أبيه في بادرة مهمة ليطالب بإحقاق الحق ، فتدخلت النيابة و وزارة الداخلية لحماية الإدارة العامة للشرطة ، فتم التحقيق و تم اتهام بعض العناصر الذين باشروا عملية التعذيب و القتل ، لكن الإدارة العامة للشرطة لم تقم بالتحقيق في  ما يصاحب عمليات التحقيق و التعذيب التي تعد هذه العملية مجرد أنموذج بسيط منها ، و لم تتم محاسبة المسؤولين الكبار و الذين يسيرون هذا القطاع المعروف بالفساد و بالكثير من المسلكيات المشينة،  و تحولت وعود الدولة كالعادة  للمواطن إلى سراب ، و انشغل المواطن من جديد بهموم العيش و مكابدة الحياة، متناسيا الصوفي و حادثته.
بعد فترة قليلة شهدنا عملية فرار السجناء السلفيين و التي نتج عنها استشهاد ثلاثة أفراد بين الحرس و الدرك ، كما قتل فيها ثلاثة من التكفيريين،  و قضينا أسبوعا من الخوف و الترقب،  و قطعت الإنترنت و عطلت الكثير من المصالح ، و جندت الدولة للبحث عن الهاربين جميع إمكانياتها، و بعد انتهاء العملية لم نشاهد أو نسمع بأي تحقيق و لا محاسبة من أي نوع ، رغم أن الجميع عرف الثغرات و عرف المسؤولين عنها ، و ظهر أن التقصير شمل الحرس و إدارة السجون و الشرطة الوطنية التي كانت تضطلع بمسؤولية متابعة و مراقبة هؤلاء الإرهابيين و حاضناتهم الشعبية و قد تركت لهم الحبل على الغارب،  يصولون و يجولون في الوطن دون رقيب .. كانت الأخطاء فادحة و كان التقصير كبيرا ، و كان الجميع ينتظر خطوات حاسمة من الدولة بإقالة المسؤولين الكبار في كل من المؤسسات التي شملها التقصير في المسؤولية ، كان الجميع ينتظر وضع استراتيجية جديدة للسجون و لمكافحة الإرهاب،  و خطوات ترد الهيبة للحرس و الشرطة و لإدارة السجون،  و ترسل رسائل أن التقصير و التهاون بأمن البلد خط أحمر لا يمكن التلاعب به ، كل ذلك لم يقع و تناسينا كل الفترة التي عشنا و تجاهلنا دماء الشهداء ، و رجعت حليمة لعادتها القديمة ، فكل ما قيم به هو تحويل ضابط من السجن في انواكشوط لولاية الحوض الشرقي .. هل هذه قرارات من يحاول قطع الطريق على هذا النوع من الأحداث أم من يكرر نفس الأخطاء بعدم محاسبة المسؤولين ، نتيجة اعتبارات سياسية و اجتماعية واهية.. لقد تم التفريط في دماء الشهداء في الحادثتين من طرف الدولة و المسؤولين عن تسيير هذه المؤسسات،  لكن كذلك تم التقصير من طرف الشعب الذي نسي الحادثتين كليا و لم يعد يهتم بهما ، و لو بمجرد الحديث و المطالبة بتحقيق العدالة ، لقد أهملنا شهدائنا و سكتنا على رخاوة نظام لا يريد أن يتحمل مسؤوليته،  بل يلعب على ضعف الذاكرة الجمعية للموريتانيين، و يعرف أن الشعب  سينسي سريعا ، و سيهتم بأمور أخرى .