ففيما تكثف قوى الأغلبية الرئاسية تحركاتها لإعادة تشكيل تحالفاتها وتوسيع حجم الأحزاب والكتل المنضوية تحت لوائها، سبيلا إلى تعزيز موقفها من مجمل القضايا الوطنية الراهنة، بما في ذلك المسائل الجوهرية المدرجة على جدول التعديلات الدستورية المزمع إجراؤها قريبا، ومحاولة الاستعداد لأي استحقاق محتمل بأكبر قدر من التوافق والانسجام في المواقف؛ تعالت الأصوات من داخل قوى المعارضة المصنفة على أنها راديكالية مطالبة لوقف ما أسمتها سياسات النظام الأحادية ومعربة عن خشيتها من استفحال حالة التأزم والاحتقان السياسي والاجتماعي، والتعثر الاقتصادي التي تعاني منه موريتانيا.
ويلاحظ نوع من الليونة غير المعهودة لدى قيادات تاريخية في بعض أهم أحزاب منتدى المعارضة عبر الحديث عن رغبة جادة في الإسهام في تقوية وتدعيم الجبهة الوطنية الداخلية لموريتانيا في وجه التحديات الإقليمية والدولية المتنامية .
بيانات وتصريحات كان العامل المشترك في غالبيتها خلو الحديث عن الحوار الوطني الجامع باعتباره ضرورة ملحة وليس مجرد خيار سياسي، شملت أبرز عناوين ما تناولته وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية؛ وكانت محور أحاديث الرأي العام الوطني.
هذه التطورات صاحبتها رسائل ضمنية وأخرى أكثر صراحة من قبل السلطة كان أبرزها لقاءات جمعت رئيس الجمهورية ببعض أهم الفاعلين السياسيين في المعارضة المعتدلة، أو المحاورة كما يصنفها الموريتانيون؛ والحديث عن احتمال العدل عن خيار المؤتمر البرلماني واعتماد طريقة الاستفتاء الشعبي لتمرير التعديلات الدستورية المقترحة من قبل النظام.
وتسود حالة من الترقب المهم بتفاؤل مذر إزاء ما قد تسفر عنه جهود محاولة جمع مكونات المشهد السياسي الموريتاني ضمن حوار وطني جامع بجدول أعمال توافقي وبإجراءات جدية مصاحبة لإعادة الثقة بين المتحاورين وفق ضمانات عملية تبعد مخاوف هذا الطرف وتحول الآخر من خصم إلى شريك.