يستعد فريق من المحامين الموريتانيين والفرنسيين منتدب من الجهات الرسمية الموريتانية هذه الأيام لتقديم شكوى قضائية ضد منظمة « شربا » الفرنسية الناشطة في مكافحة الجرائم الاقتصادية.
وكانت المنظمة قد نشرت قبل أيام تقريرا سمته « انتشارا وبائيا للرشوة والفساد في موريتانيا، يعرقل ويعوق تنمية هذا البلد ذي الخيرات الوفيرة ».
وأكد موقع « موندأفريك » الإخباري « أن المحامي الموريتاني جمال ولد الطالب والمحامي الفرنسي أريك جامانتيس قد عادا إلى باريس قادمين من موريتانيا وهما يضعان حاليا اللمسات الأخيرة لتقديم شكوى بالقذف ضد منظمة « شاربا » أمام القضاء الفرنسي ».
وسيقدم الفريق شكوى ثانية ضد رجل الأعمال الموريتاني المعارض محمد ولد بوعماتو تتعلق بالرشوة، حسبما أكده موقع « موندافريك ».
وتحدث الموقع عن اجتماعات واتصالات أجراها المحامون في نواكشوط مع احميده ولد اباه المستشار الخاص للرئيس محمد ولد عبد العزيز.
وبهذا التطور الجديد في هذا الملف، ستجد منظمة « شربا » نفسها قريبا محل شكوى بالقذف من الحكومة الموريتانية.
وذكر مصدر مقرب من مطبخ القرار الموريتاني « أن بدر نجل الرئيس محمد ولد عبد العزيز سيتقدم هو الآخر بشكوى بالقذف ضد منظمة « شربا » التي أوردت في تقريرها أنه متورط في منح صفقة بناء محطة نواكشوط المركزية لتوليد الكهرباء لشركة « ورسيلا » العالمية التي تقدمت بأغلى عرض في المناقصة.
ودعت منظمة « شربا » في تقريرها عن الفساد في موريتانيا « الهيئات التمويلية إلى إلزام السلطات الموريتانية بالتعهد الصارم بإصلاح هذا الانحراف الخطير »، كما دعت « للقيام بتحقيقات حول تسيير التمويلات المقدمة لموريتانيا ».
وأثار التقرير الذي نشرته « شربا » استياء واسعا لدى الأوساط الرسمية الموريتانية واعتبرته تقريرا « متحاملا ومؤسسا على معلومات مزورة هدفها الإساءة لموريتانيا ونظامها ».
ومع أن هذا التقرير صادر عن هيئة تدعي الحياد التام في تحقيقاتها، فإن أوساطا مقربة من الحكومة الموريتانية أكدت لـ « القدس العربي »، أن « إصدار هذا التقرير هو من تدبير رجل الأعمال الموريتاني المعارض محمد بوعماتو صاحب العلاقات الواسعة في الهيئات الحقوقية والسياسية الفرنسية ».
وأكدت هذه الأوساط « أن رابطة « شاربا » رابطة تحصل على التمويلات عبر تأجير تقاريرها من طرف جهات معينة لتصفية حسابات مع جهات أخرى معادية لها.
وتأسست رابطة « شربا » التي يوجد مقرها في باريس عام 2001 لتحقيق هدف واحد هو حماية السكان الواقعين ضحايا جرائم اقتصادية تقترفها أنظمة الحكم.
ولم يتأكد الخبر الخاص بتقديم الشكوى من مصادر رسمية موريتانية، مع أن الرئيس الموريتاني سبق له أن تقدم عام 2014 بشكوى ضد البرلماني نويل مامير الذي يمثل حزب الخضر الفرنسي في البرلمانين الأوروبي والفرنسي، بعد أن صرح النائب المذكور أن الرئيس الموريتاني متورط في تجارة المخدرات.
وسحب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز شكواه بعد أن تقدم البرلماني نويل مامير باعتذاره للرئيس الموريتاني عن اتهامات غير لائقة أطلقها البرلماني خلال لقاء متلفز عام 2013.
ونفت الحكومة الموريتانية عدة مرات، اتهامات الفساد التي تضمنتها تقارير الهيئات الدولية الناشطة في مجال مراقبة الشفافية، والاتهامات الواردة أيضا في بيانات المعارضة، مشددة على « التزام الرئيس محمد ولد عبد العزيز المبدئي بمحاربة الفساد منذ وصوله للسلطة حيث جعل من مكافحة هذا الوباء محورا أساسيا في برنامجه الانتخابي، الذي زكاه الموريتانيون خلال مأموريته الأولى والثانية ».
وكان آخر توضيح رسمي لسياسة محاربة الفساد هو ما أكده وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني المختار ولد أجاي في مقابلة مع صحيفة « الشعب » الحكومية، حيث أكد « أن التزام الرئيس بمحاربة الفساد، خيار لا رجعة فيه يترجم وعيه بما عانته التنمية في موريتانيا خلال المراحل السابقة من جراء تفشي هذه الظاهرة، التي قوضت ثقة المستثمرين، وأخلت بالتوزيع العادل للدخل