يجمع المراقبون والمحللون المتابعون للمشهد السياسي في مقاطعة بوتلميت بولاية الترارزة (150 كيلومتر شرق نواواكشوط) على أن نتائج الانتخابات البلدية والجهوية والتشريعية الأخيرة على مستوى هذه المقاطعة بمختلف بلدياتها وحواضرها؛ أظهرت أن المعادلة السياسية هناك قد انقلبت بشكل جذري غير مسبوق.
ففيما يؤكد هؤلاء، ومعهم القوى السياسية في المعارضة والأغلبية على حد سواء، أن بوتلميت ظلت على مدى العقود الثلاثة الماضية قلعة حصينة من قلاع المعارضة وخزانا انتخابيا أساسيا لأحزابهم الرئيسية؛ يقرون اليوم بأن ذلك الواقع الذي ظل سائدا لدرجة خولته إلى مسلمة سياسبة راسخة؛ بات من معطيات الماضي.
حقيقة أبرزتها بجلاء حصيلة فرز أصوات الناخبين في الحاضرة الثقافية والروحية العريقة؛ مشكلة تحولا جذريا في الواقع السياسي بأبي تلميت؛ خاصة على مستوى مكاتب الاقتراع المحسوبة على الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية د. الشيخ محمد ولد الشيخ سيديا ومجموعته ذات الحضور الوازن والامتداد الأفقي الواسع.
نتائج تلك المكاتب بالذات، لم تتميز بظهور نتائج عكست مستوى الفوز الساحق للحزب الحاكم على حساب قوى المعارضة التي كانت مهيمنة على المشهد المحلي لعقود من الزمن، فحسب؛ بل كان لارتفاع نسبة فوز لوائح الاتحاد من أجل الجمهورية فيها انعكاس مؤثر مكن من حسم النتائج الإجمالية لعمليات الاقتراع.
وبهذه النتائج يصبح حزب االاتحاد من أجل الجمهورية أول حزب حاكم يفوز بجميع المناصب الانتخابية في مقاطعة بوتلميت منذ بداية التعددية السياسية في موريتانيا أواسط العام 1991؛ ما شكل - في نظر جل المراقبين - ثورة غير مسبوقة سيكون لها ما بعدها على مستوى إعادة تشكل الساحة السياسية المحلية وفي موريتانيا بشكل عام.
غير أن ما لفت انتباه مختلف الأطراف السياسية والمحللين المستقلين، بشكل خاص، هو سيطرة الحزب الحاكم على نتائج مكاتب مدينة بوتلميت في سابقة لم يشهدها التاريخ السياسي في المدينة ، إضافة إلى ارتفاع نسبة المشاركة بمعدلات قياسية، وكذا تطابق نسب التصويت للوائح الحزب الحاكم داخل مكاتب الاقتراع المذكورة؛ فضلا عن إقامة خلية تعمل ليل نهار على تعبئة الناخبين حول طريقة التصويت الصحيحة ؛ حيث كان منزل الوزير ولد الشيخ سيديا مقرا مفتوحا لهذا على مدار الساعة طيلة أيام الحملة الانتخابية.