نظم بيت شعر نواكشوط أمسية شعرية مساء أمس (الخميس) أحياها الشاعران أحمد عبد الكريم، وكمال الدين الحسن، فيما قدمها الإعلامي محمد المامون البار، وذلك وسط حضور جمهور غفير من محبي الشعر.
وبدأت الأمسية بتقديم السيرتين الأدبيتين للشاعرين، حيث اطلع الحضور على مسيرتهما الدراسية والإبداعية والعملية، ويلتقي الشاعران في قواسم مشتركة عديدة، أهمها الدراسة المبكرة للغة العربية والشعر من خلال "الكتاتيب".
بعد ذلك استمع الحضور إلى الشاعر أحمد عبد الكريم، حيث قدم خمس قصائد من ديوانه الشعري (المرقون)، بدأها بقصيدته "زهرتي"، التي يقول في مطلعها:
زهرتي كم سقوك كأسا دهاقا
من عيوبي ممزوجة بدهاء
كان يكفي بكل يوم وليل
أن تراني بغرة وحياء
عرفتني وهي تفهم جدا
حين أشكو منها لها برحائي
كما قرأ قصيدته "تعال معي"، التي يقول فيها:
يا صديقي العزيز
تعال معي
لنلعب نلهو
ونقرأمن كل فن
كتابا....قصيدا
وتسمع بعض
المواويل من كوكب الشرق
والعندليب
تعال معي
تعال معي وفي البيت
ثم بداية غنج
تذيب الحشا
أذابت فؤادي
سكرت ثلاثين عاما
وضاعت مئات
القصائد من دفتري
ومازلت أذكر
لون المساءات
شكل الخطى
وتبدل من كلماتي
حروفا بأخرى
لتطلق معنى جديدا.
بدوره قدم الشاعر كمال الدين ولد الحسن قراءة في شعره، شملت قصائده ""سمراء الحقول"، و"الحضور"، وقصديته "اعتراف"، التي يقول مطلعها:
إني أحسك ما بين الجوانح لوْ
تدري طهارة آلامي وإِحْساسِي
قلبي بقلبك مقرون وإن فُرِقاَ
ولو تمازج روحيْنا بأجناس
شاءت لها صُدَفُ الأقدار يومئِذٍ
أن تلتقي مُثَلَ الأرواحِ أنفاسي
أرجوك.. خذ بيدي، واعبُر بها جزعي
إني أردتك جسراً نَحْوَ أقداسي
أرجوكَ لا تدعِ الأوهام تقتلني
يا ويلتاه فؤادِي جِدُّ حساسِ
الحب يكبر لمْحًا بعد ثانية
فاحصد هواي وقل: هيهاتَ للنَّاسِ
خذني إليك فهذي الأرض تفهمنا
واحضُن ضَمِيرَيَ في طهر وإيْناس.
ومن قصيدته "الحضور"، قرأ:
عبورا للمتاهات الرِّحاب
أعود وزورقي جَمُّ الإياب
وذاكرة المحيط بكل ماض
تبوح على الشواطئ بالغياب
ولون الأرض مخضلٌّ ندي
تمازجَ بالأساطير العذاب
وأشرعة الذين هوى تمطوا
هدير الحلم في لجج السراب
أعود ولست أدري ما مسيري؟
وهذا الليل ملتطم العباب
لأوقد بالضياء خطى الأماني
ولو كان الظلام يسدُّ بابي
حدائي لا تفارقه الصحاري
وإن لم يدر وجدان التراب
فكل قضية حبلى بخيط
من الإصباح دافقة السحاب
وكل مصيبة عطشى لدمع
لها في الكون أصداء المصاب
إلى أكنافك السكرى بضمي
أعود... وأي ميعاد أتى بي؟
وجرح الأم نازفة دماهُ
على نغم المواويل المذاب
فهل ستمل منا الموت حينا؟
ولم تشبع مناقير الغراب!
ولم يسأم بثانية خِداج
بياض صدورنا طعن الحراب.
وختم ولد الحسن الأمسية بقصيدته"سمراء الحقول"، التي يقول فيها، مخاطبا "السمراء التي لاحت من بعيد":
وأبحث في ضفائرها كثيرا
بعينينا عن العهد السعيد
أسائلها بأنفاس عطاشٍ
إلى أنوار إصباح جديد
لمن هذي الخطى السكرى جمالا؟
كأن سطورها رجع النشيد
فتاة من بنات النهر جذلى
تعيش بقلبي الصبِّ العميد
توشحت السنابل والمرايا
لتبصرني اخضرار غدي البعيد
وأقرأ في ملامحها الحيارى
تباريحي وتاريخي العهيد
وألمح في تجاعيد الأماني
بجفنيها زغاريد الخدود
وأمزج كالطبيعة في هواها
بقايا من صداي على الحدود
عساها تفهم الناي المغني
تراتيلي وأحلام الجدود
هنا وطني يذوب على يديها
كأغنية تفوح على القصيد
ويمتد اسمرار الطين فيها
كما تمتد ملحفة الهجود.