تعيش الساحة حالة من الإرباك من وضعية ولد الغزواني التي لم تتضح إلى الآن ، خاصة عقب أول قرار مصيري بالنسبة لتسيير البلد اتخذه بعد تسلمه زمام السلطة حيث كان يتوقع الكل أن يحمل إشارات أو رسائل أو توجهات معينة خاصة استقلاليته عن ولد عبد العزيز وطريقة تعامله مع الخريطة السياسية، كل فيما يخصه: "أغلبيته" و مؤيدوه وبصفة أساسية الجدد.
وقد ذهب بعض المحللين إلى أن ولد الغزواني وضع الكل على نفس المستوى دون أن يكون هناك قاسم مشترك أو معيار معروف وهذا ما يعبر عنه البعض من أن الحكومة عكست حالة من عدم وضوح الرؤية غير مسبوق حيث لم تحمل أي رسالة واضحة للساحة السياسية ولم تتعامل مع الملفات الساسية المفتوحة كأولوية لا في هيكلتها ولا في التعيينات حيث يمكن قراءة ذلك بوضوح.
فهل يرتبط ذلك بعدم وضوح الرؤية لولد الغزواني نفسه أم أنه كما يذهب البعض الآخر من أنه ربما يريد تسيير الوقت ريثما يطلع على الأمور بدقة وينظم ملفاته ويراقب عملية مخاض الساحة من خلال التفاعل داخل التيارات الموجودة الداعمة والمعارضة والأغلبية بتفريعاتها ، بينما يرى البعض الآخر أن غزواني صار رئيسا قبل الوقت أي يتصرف وكأنه ممسك بكل شيئ وملم بكل شيئ ويريد إظهار عدم الإرتباك ، بينما يذهب آخرون إلى أنه رتب الأمور مع صديقه قبل أن يغادر البلد ودرس معه الخطوط العريضة للحكومة وللسياسة العامة وأن لا جديد بالنسبة للإصلاح ولا بالنسبة للتشاور مع الأغلبية السياسية التي دعمته وبالخصوص البرلمانية لأنها في إعتقاد ولد عبدالعزيز الذي نقل لزميله هذا الإعتقاد أنها ليست سوى أغلبية الكرسي ومشيئة الرئيس ويجب أن لا تغيير من حسابات ولا تفكيرولا خيارات أحد ،فهي ستذهب معه حيثما ذهب ويكفي استدعائها بعض الأسخاص لتمرير مايريد ، كما أن المجموعات الأخرى التي دعمته إنما تتحجج بالتغيير لإنها تريد "الحظوة" فقط ،فقد تعبت من المعارضة الجافة والتهميش والإقصاء وهي قادرة على مسايرته طيلة هذه المأمورية على أمل أن تتم مشاركتها وبالتالي لا تملك أي ورقة ضغط ويجب أن لا يضيع الوقت في الإستماع لها ،أما الإنفتاح على المعارضة فيكفي منه التلويح بعض المرات بحوار حزئي وشكلي خاصة إذا ما أرادت التصعيد وإلا فيمكن وضعها في البراد طيلة الوقت حتى تكون الإنتخابات على الأبواب فيتم شراء بعضها وتخويف بعضها .وتفكيكها بذلك . فهل غزواني تلميذ "نقطة" كما يقال ، أم هل هو رجل ترشح وفق وضعية ومقتضياتها وسيسير البلد وفق وضعية أخرى ومقتضياتها؟ هذا ما يبحث الرأي بتلهف عن معرفته ،خاصة أن التساؤل الكبير الذي يجتمع حوله أهل البلد هو كيف سيتعامل ولد الغزواني مع إرث ولد عبد العزيز الثقيل الملطخ وكيف سيتعامل مع المطالبة المتصاعدة بالتحقيق في حجم الفساد والجرائم المالية التي تعرضت لها موارد ومقدرات البلد.