ثلاثاء, 19/11/2019 - 14:21
وقعت موريتانيا 2005 مع شركة صينية اتفاقية لتشييد مطار جديد مقابل 174 مليون دولار، وبعد الإنقلاب تم وقف تلك الإتفاقية، ليتم توقيع اتفاقية جديدة وغريبة يلفها الغموض مع شركة محلية ناشئة، بل أنشئت لأجل صفقة تشييد مطار جديد -حسب البعض- مقابل ما يزيد على 1000 هكتار من أرض العاصمة نواكشوط في مناطق مميزة، لكن الأغرب من كل ذلك أن نص الإتفاق ليس معروفا ولم يطلع عليه أي أحد، خارج ولد عبد العزيز وولد حدمين وشركة النجاح كما ترجح بعض الأوساط، ثم أن الغلاف المالي للصفقة غير معروف هو الآخر، مثل ثمن المتر المربع غير المحدد كذلك وهو ما جعل الصفقة بلا سقف مالي ، ولا تملك أي جهة وطنية معلومات تفصيلية عن تلك الصفقة بالمواصفات العجيبة ،بل تم حجبها عن البرلمانيين ومنعوا من الإطلاع عليها ، وعندما طلب البنك الدولي توضيحات حول الصفقة تم تزويده بمعلومات مغلوطة عن ثمن المتر المربع (600 أوقية) قديمة ،في حين تم بيع المتر المربع ب 10000 أوقية وأكثر بكثير في بعض الحالات بالنسبة لصكوك.لقد تمت هذه الصفقة في ظروف غامضة،كما أنها ظلت عرضة للتحريف كل وقت تمشياً مع رغبة ولد عبد العزيز للإستلاء على أي أراضي محاذية لذلك الشريط ليتم دمجها في أرض الصفقة، حسب مراقبين ،وقد كانت الصفقة تدور حول 586هكتار ، هي أرض المطار القديمة في منطقة لكصر ، وأرض شاسعة أخرى تدعي منطقة الصكوك قابلة للزيادة ( بين نهاية منطقة تفرق زينة شمالا حتى قرابة الحزام الأخضر )وقد قدّرها البعض ب 800 هكتار . ورغم أن العموم يظن كما روج له النظام أن الصفقة تتضمن كل تكاليف إنجاز المطار إلا أن ذلك عير صحيح ، فقد تكلفت الدولة أموالا طائلة بعضها دين خارجي وبعضها على حساب ميزانية الإستثمارات طيلة سنوات إنجاز المشروع، بما يزيد على الثمن الأصلي للصفقة ويجعل هذه الصفقة المعيبة ، غير معقولة وغير واقعية ، ليس فقط بسبب الظروف والشروط السيئة التي أحاطت بها ، بل عندما تجاوزت الثمن العادي لكل العروض ولكل تكاليف المطارات الممثالة في العالم ، وتجاوزت كذلك مرتين أوثلاثة ثمن الصفقة مع الشركة الصينية التي تم التراجع عنها .لقد تحملت الدولة كلفة المراقبة للفترة المحددة للمشروع (البداية 27/11/2011 وتاريخ النهاية المتوقع 27/5/2014 ) مقابل 12 مليون يورو لكنها إضطرت لتمديد العقد مع نفس الشركة EGIS-AVIA تمشيا مع تأخر الأعمال مقابل 6 مليون يورو حيث إستمرت الأشغال إلى 27/06/2016 ،كما دفعت الدولة على حساب ميزانية الإستثمار لسنة 2012 غلاف مالي وصل 300 مليون أوقية لصالح المطار الجديد ،وفي سنة 2013 منحت شركة الحديد والصلب إسنيم 50 مليون دولار أي ما يساوي 15 مليار أوقية قرضا لشركة النجاح بأوامر من ولد عبد العزيز بمبرر مواصلة أعمال المطار المتوقفة .وتقول جيهات سرية -أن تلك الأموال ذهبت لجهة أخرى مقابل الإفراج عن أرض المطار القديمة التي تأخر بيعها - مستغربة في نفس الوقت الزج بشركة إسنيم في صفقة تجارية ، بين الدولة وشركة خصوصية أخرى وإنتهاك القانون المصرفي ، وإعطاء قرض بهذه القيمة دون أية ضمانات ولا فوائد، في حين أن الصفقة مربحة وتفضيلية وعلى حساب الشعب، مع وجود قرابة 20 بنكا في الساحة ،فالبعد من مهمة الدولة ولا إسنيم حشد الأموال للمشروع بل هو من مهمة شركة النجاح ،لكن إسنيم ظلت طيلة حكم ولد عبد العزيز صندوق مفتوح يفعل به ما يساء فقد أمرها بشراء 1800طن من العلف من عند أهل غدة 2012 ،بعدما رفض المفوض شراء تلك الكمية حينها لأسباب فنية ومالية تتعلق بعرض أهل غدة ،ويرى البعض أن ذلك القرض من إسنيم كان لتغطية الخسارة المتأتية من ثمن أسعار المتر المربع بالنسبة للمطار القديم ، وكان واحد من أكبر أسباب إفلاس شركة النجاح المريضة بمرض ولد عبد العزيز . وفي سنة 2014 دفعت الدولة 1 مليار و140 مليون أوقية لصالح المطار ،كما جددت عقد AGIS سالفة الذكر ،كما تم أخذ قرض من الصندوق الكويتي ب قيمة 9 مليار أوقية لحساب المطار ،كما تضمنت ميزانية الإستثمار 2015 مبلغ 1مليار و279568994أوقية لمصلحة المطار لبناء الجسر ،كما تحملت الخزينة تسديد فاتورة محطة الوقود 6مليون و670ألف دولار ،وفاتورة الكهرباء 6مليون دولار و1مليار و600 مليون أوقية للهندسة العسكرية مقابل تزويد المطار بالماء . أي ما يعادل 141 مليون دولار كمبلغ إضافي على الصفقة التي تنازلت فيها الدولة عن هذه المساحة الشاسعة من أرض العاصمة انواكشوط ،وهكذا تكون الدولة تحملت أعباء ثقيلة متعددة بشكل يفوق مرات الكلفة الحقيقية للمشروع ،بما فيها تخسارة الدولة للمطار القديم ومنشآت كانت يمكن أن تحافظ عليها مثل كل بلدان العالم ليكون لها مطار داخلي للحالات المستعجلة وحالات الطوارئ أو لتسيير الوفود وغيرها ،لكن طابع الجشع والفساد هو الذي طبع صفقة التراضي هذه سيئة السمعة والإخراج ، وجعلت البلد يتكبد خسائر كبيرة إضافية ويتحمل ديونا ذهب أكثرها تحت الطاولة .ولم ينتهي النهب لهذا المطار عند هذا الحد ،بل تم تخلي الدولة عن تسيره لشركة خصوصية بإسم AFRIAERAPORT تستغل إمكانيات شركة الدولة دون أن تقوم بأي إستثمار بل تملك باصا واحداً لنقل المسافرين في ظروف صعبة . وهكذا يكون ولد عبد العزيز نموذجا لسوء أداء الأمانة والفساد . فكيف يكون والحالة هذه مرجعا إلا للظلم وسوء الحكامة والجشع