عودة رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو ..أوراق عديدة في ملفات السياسة والاقتصاد

اثنين, 2019-12-16 16:46

- ليس من المستبعد أن تلغي السلطات الموريتانية الإجراءات القضائية والأمنية الموجهة ضد بعض رجال الأعمال السياسيين وخصوصا رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو، بعد حوالي سبع سنوات من الغربة الاضطرارية بسبب الأزمة بين ولد بوعماتو والرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.

احتل ولد بوعماتو طيلة العقود الأربعة مساحة مهمة من دائرة الضوء، وعزز نفوذه المالي والسياسي خلال العقود الثلاثة الماضية بشكل خاص، كما استطاع بناء شبكة علاقات كبيرة داخل البلاد وخارجها.

إنقاذ عزيز

استطاع ولد بوعماتو بعلاقاته الخارجية ومواقفه إنقاذ الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من الخناق الأوربي، بعد الانقلاب العسكري الذي نفذه في 2008، ويذكر أحد الوزراء في أول حكومة بعد الانقلاب أن ولد بوعماتو هو من كان ينسق مفاوضات الحكومة الموريتانية والاتحاد الأوربي وسفراء الدول الغربية في موريتانيا.

 

ويضيف الوزير المذكور "في إحدى زياراتنا لإسبانيا، اتصلت بالرئيس عزيز وأخبرته بوضعية الحضور المشارك في القمة التي كنت أحضرها، فرد علي انتظرك حتى يتصل عليك محمد، وبالفعل اتصل ولد بوعماتو، ونسق لي عدة لقاءات مع وزراء أوربيين وشرحت لهم موقف السلطة الجديد"

استطاع ولد بوعماتو كسب شخصيات أوربية مهمة إلى جانب السلطات العسكرية الجديدة، وخصوصا في فرنسا وإسبانيا، إضافة إلى المملكة المغربية.

كما تولى ولد بوعماتو المرحلة الثانية من المفاوضات عبر اتفاق دكار الذي انتهى بعد مفاوضات عسيرة باتفاق أنهى الأزمة الدستورية في البلاد.

ولاحقا كان ولد بوعماتو الداعم الأساسي لحملة ولد عبد العزيز في 2009 بمبالغ مالية قيل إنها تجاوزت 5 مليارات من الأوقية

ولكن حبل الود لم يطل كثيرا بين المحمدين، قبل أن تتأزم الأوضاع ويبدأ ولد عبد العزيز سياسة تصفية ممنهجة ضد ولد بوعماتو، استهدفت مؤسساته المالية وأصدقاءه ووكلاءه التجاريين قبل أن تمتد إليه بشكل شخصي.

ترميم جدران الأعمال

 

مع العودة المرتقبة لرجل الأعمال محمد ولد بوعماتو

إلى موريتانيا فمن المتوقع أن يستعيد مشهد الطبقة المالية في موريتانيا بعضا من التوازن بعد عشرية ولد عبد العزيز التي قزمت عددا كبيرا من رجال الأعمال المشهورين وأنتجت طبقة جديدة من رجال الأعمال المرتبطين بالرئيس السابق إما عبر القرابة والمصالح أو هما معا.

ورغم أن ولد بوعماتو لم يكن المتضرر الوحيد من الهيمنة الاقتصادية لولد عبد العزيز، إلا أنه كان أبرز متضرر في هذا الجانب.

ويتوقع مراقبون للمشهد الاقتصادي أن يعيد ولد بوعماتو ترتيب كثير من ملامح خارطة الأعمال في موريتانيا، خصوصا أنه سبق أن تولى رئاسة اتحاد أرباب العمال ويتمتع بعلاقات واسعة داخله وخارج موريتانيا أيضا.

ومن شأن عودة استثمارات بوعماتو التي نقل كثيرا منها إلى السنغال وفرنسا والمغرب ودول أخرى أن يكون لها تأثير اقتصادي على حركة السوق ومصادر التشغيل والاستثمار في موريتانيا

 

يد في السياسة

ترتبط عدد من القوى السياسية في موريتانيا بولاء وعلاقات قوية مع رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو، وتؤكد مصادر سياسية أن ولد بوعماتو، كان الداعم الأساسي لعدد من القوى السياسية التي ناوأت ولد عبد العزيز خلال السنوات الماضية

كما أن كثيرا من تلك العلاقات يعود إلى أكثر من عقدين، حيث عملت كثير من الوجوه السياسية والاقتصادية في البلد في مؤسسات ولد بوعماتو الاقتصادية عبر وظائف متعددة منها الاستشاري والفني ومنها ما يتعلق بالعون والدعم المباشر.

حراك اجتماعي

تتعلق بعودة ولد بوعماتو أيضا حراك اجتماعي واسع خصوصا في مجموعته القبلية التي تعيش حالة انقسام حادة، بفعل أزمة عزيز – بوعماتو، وفي الوقت الذي يساند فيه ولد بوعماتو عدد كبير من وجهاء المجموعة ورجال أعمالها التقليديين، فإن ولد عبد العزيز اعتمد هو الآخر على طبقة جديدة من الشباب ورجال الأعمال الجدد

وتتجه الأمور في هذا السياق لصالح ولد بوعماتو، خصوصا أنه كان يمثل "موردا خيريا " لكثير من أقاربه ومن الشخصيات الاجتماعية في البلاد.

 

شروط العودة

لا أحد لحد الآن يؤكد بشكل جازم ما إذا كانت السلطات الموريتانية قد وضعت شروطا لعودة ولد بوعماتو، أم تركت له الخيار للعودة بدون شرط محدد.

ولكن الأكيد أن ولد بوعماتو لن يبادر بالعودة قبل رفع الإجراءات القضائية ضده والحصار الاقتصادي على مؤسساته، إضافة إلى رفع الحظر عن أمواله التي جمدها النظام السابق داخل البلاد.

ويبقى السؤال أيضا ماذا ستشرط السلطات الموريتانية الجديدة على ولد بوعماتو، وهل ستفتح له الباب أمام الحضور الاقتصادي والمالي، وماذا ستفعل مع المؤسسة التي يمولها ويدعمها من أجل محاربة الفساد ومقاضاة الزعماء الأفارقة الفاسدين.

وبين تلك الأسئلة، تبقى عودة ولد بوعماتو ملفا أساسيا من ملفات السنة الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني

ريم آفريك