سُجِّلَ في بلادنا خلال الخمسة عشرة سنة الأخيرة ما يزيد على 110 آلاف حادث سير، أدت في محصلتها إلى وفاة أكثر من ثلاثة آلاف شخص، وإصابة ما يزيد على 40 ألف شخص بجروح متفاوتة الخطورة.
تؤكد هذه الأرقام الكبيرة بأننا نعيش بالفعل حرب شوارع حقيقية، تكبدنا في كل يوم خسائر بشرية ومادية معتبرة، ويمكن أن نعبر عن هذه الأرقام الكبيرة بلغة المتوسطات الإحصائية على النحو التالي : في كل ساعة وست دقائق يقع حادث سير في موريتانيا، وفي كل ثلاث ساعات يصاب مواطن بجروح بسبب حادث سير، وفي كل 42 ساعة يموت آخر بسبب حادث سير.
إنها حرب شوارع حقيقية حصدت الكثير من الأنفس، ومع ذلك فلم نسمع ـ حتى الآن ـ عن أي جهد منظم قام به رجال أعمالنا للتخفيف من الآثار المدمرة لحرب الشوارع هذه.
إن الغياب الكامل لأي جهد لرجال أعمالنا في مجال السلامة الطرقية، هو الذي جعلنا في حملة "معا للحد من حوادث السير" نتخذ قرارا بتوجيه رسالة إلى رئيس أرباب العمل الموريتانيين، وقد تم تسليم الرسالة على هامش السهرة الاحتفالية التي نظمها اتحاد أرباب العمل بمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين لتأسيسه.
لقد طالبنا في تلك الرسالة من رجال أعمالنا بالتبرع برافعة لصالح طريق (نواذيبو ـ نواكشوط)، وبتوفير عدد من سيارات الإسعاف بكامل تجهيزاتها، على أن يتم توزيع تلك السيارات على المناطق الأكثر خطورة من طرقنا الحيوية، والتي لا توجد بها حتى الآن سيارات إسعاف.
إن على من يسعى للأجر العظيم من رجال أعمالنا أن يتبرع برافعة أو بسيارة إسعاف أو بآلة لرفع الحديد أو بأخرى لتقطيعه (أسعار هذه الآلات زهيدة جدا ولو كانت هذه الآلات متوفرة عند نقاط تفتيش الدرك لكان بالإمكان إنقاذ بعض ضحايا الحادث البشع الأخير الذي وقع على طريق نواذيبو، أو إنقاذ ضحايا آخرين توفوا في حوادث سير مشابهة). على من يريد الأجر العظيم في الآخرة من رجال أعمالنا أن يتبرع برافعة أو بسيارة إسعاف أو بآلات لرفع وتقطيع الحديد، فالتبرع بمثل ذلك سيساعد في إنقاذ الكثير من الأنفس، وقد قال جل من قائل : (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) صدق الله العظيم.
وعلى من لا يريد من رجال أعمالنا الآخرة، ولا يسعى لها سعيها، وإنما يريد فقط الحياة الدنيا، وأن يرضى عنه رئيس الجمهورية، على من كان ذلك سعيه أن يعلم بأن رئيس الجمهورية يهتم كثيرا بالسلامة الطرقية، والأدلة على ذلك موجودة، ولذلك فعلى من يريد من رجال أعمالنا أن يرضى عنه رئيس الجمهورية أن يتبرع برافعة أو بسيارة إسعاف أو بآلة لقطع الحديد، ومن المؤكد بأن مثل تلك التبرعات ستنال إعجاب رئيس الجمهورية.
خلاصة القول هي أنه على رجال أعمالنا أن يتبرعوا برافعات أو بسيارات إسعاف أو بآلات لقطع الحديد، ومن تبرع منهم بذلك سينال بإذن الله أجرا عظيما، إن كان يسعى للآخرة، وإن كان لا يسعى إلا للتقرب من رئيس الجمهورية، فعليه أن يعلم بأن الاهتمام بالسلامة الطرقية قد يُلفت انتباه رئيس الجمهورية أكثر من أي شيء آخر.
حفظ الله موريتانيا..