سدنة الحرف توزع جوائز أول مسابقة شعرية لتكريم المناضل الرمز سميدع

سبت, 2020-08-29 03:44

وزعت في العاصمة الموريتانية نواكشوط مساء اليوم (الجمعة) جوائز أول مسابقة شعرية لتكريم المناضل الموريتاني الرمز سيدي محمد سميدع (رحمة الله عليه)، وذلك في حفل حاشد نظمته مجموعة "سدنة الحرف" الأدبية والثقافية بقاعة العرض بالمتحف الوطني، وحضرته نخبة كبيرة من الشعراء والمثقفين والكتاب وقيادات بارزة في المؤسسات الإبداعية الموريتانية وممثل عن أسرة المناضل الراحل.

وترأس الحفل الأستاذ د. عبد الله السيد رئيس مجلس إدارة "سدنة الحرف" ومدير بيت الشعر في نواكشوط.

وفاز بالمسابقة الأدبية السنوية لـ"سدنة الحرف"، التي حملت دورتها هذا العام اسم الشاعر الكبير د. أدي آدب (حفظه الله) 9 شعراء متميزين، بعضهم صدرت له دواوين حظيت بإشادة واسعة في الساحة الأدبية.

وخصص موضوع المسابقة للمناضل التاريخي سيدي محمد سميدع، وذلك تحت عنوان "سميدع في عيون الشعراء".

وتم افتتاح الحفل بآيات من الذكر الحكيم تلاها فضيلة الإمام اميي ولد أحمد سالم.

وألقى الشاعر المختار السالم المنسق العام لـ"سدنة الحرف" كلمة بالمناسبة أكد خلالها أن هذه المسابقة الشعرية بينت مدى برور الأجيال الشعرية الموريتانية الجديدة لآبائها الحضاريين من رموز النضال أمثال الراحل سيدي محمد سميدع.

وأوضح أن أعضاء "سدنة الحرف" أصروا على أن تحمل هذه المسابقة اسم دورة الشاعر الدكتور أدي ولد آدب وذلك لأهمية عنوانها (سميدع في عيون الشعراء)، كما كشف أن "السدنة" استجابت لطلب عضوها د. بدي أبنو بتشريفه بدفع تكاليف الجائزة هذا العام لكونها تكرم رمزين وطنيين هما المناضل الراحل سميدع (رحمه الله) والشاعر د. أدي آدب (حفظه الله).

بعد ذلك، استمع الحضور إلى كلمة مسجلة بعث بها الشاعر د. أدي آدب إلى الحفل، وأعرب فيها عن سروره بهذا الحدث.

وقال ولد آدب "إن إحساسي بهذا التكريم مضاعف دورات فلكية. أولا: لأنها المرة الأولى التي أكرم بهذا المستوى، في وطني. ثانيا: أنها المرة الأولى التي يقرن فيها اسمي، باسم جائزة شعرية وطنية إبداعية راقية مثل هذه.. ثالثا: أن اشتراك اسمي لهذه الدورة مع اسم سميدع، المناضل الرمز/ الراحل/ / الغائب/ الحاضر هو إضافة نوعية في التكريم كانت من حسن حظي".

واعتبر ولد آدب أن "الطاقات الإبداعية التي شاركت في هذه الدورة بالذات، كانت إضافة نوعية للمشهد الشعري الحداثي الأصيل، زادت من تكريمنا بما قدمته من نصوص طافحة بالشعرية، تمكنت باقتدار فائق من استلهام الرمزية الثورية النضالية الإنسانية لفارسها البطل الفكري سميدع".

وقال: "وبما أني أدعي أني اشترك مع الرمز المكرم في الخلفية الثورية، التي تؤمن بالمثقف الثوري، المثقف العضوي، بمفهوم اكرامشي، الذي لا يمتهن الحربائية في تلونها، ولا الضفدعية في نقيقها، فأني أحب أن ألقي نص " أنا سيد الثورات".

كما استمع الحضور إلى كلمة بعث بها المثقف الموريتاني الكبير د. بدي أبنو، واستهلها بقوله "يقول صديقي الشاعر الكبير أدي ولد آدب:

كمْ شاعِرٍ.. خَطَّ فَوْقَ الـرَّمْل.. قــافِيةً

وبَثَّ أطلالَهُ.. شكْـوَى الهَـوىَ.. ذِكَرَا

فكُلُّ حَبَّةِ رَمْلٍ.. هـا هُــنا.. ثـَـمِــلَــتْ

بالشِّعْر.. فاسْمَعْ صَلِيلَ الرَّمْل.. قدْ شَعُرَا".

وأضاف "إنه الشعر والأرض والتاريخ، أو كما قال يوما المرحوم الشاعر الكبير محمد ولد عبدي "هو الشعب أرضٌ، هي الأرضُ شعبٌ، هما الشعر..."، شكرا لكمْ ... فمعكم يلتقي التاريخ بالتاريخ، إنها قصائد عظيمة في ذكرى رجل عظيم، قصائد يعانق فيها الإبداع معنى الفعل، يعانق القولُ التاريخي معنى الفعل التاريخي ووجهتَه في ذكرى رجل سيتحدّث بلا شكّ عنه يوماً تاريخ هذه الأرض كثيرا". 

 وقال ولد ابنو في كلمته التي قرأها بالنيابة الشاعر صلاح الدين أحمد: "كما تعرفون لم يعش طويلاً المناضلُ الرمز سيدي محمد سميدع - رحمه الله برحمته الواسعة – ، فقد توفي وعمره يناهز الأربع وعشرين سنة. إنّه زمن قليلٌ إذنْ وتاريخٌ عظيم. لم يكن لديه متسعٌ من الوقت لما ليس جوهرياً، لذلك اهتم بما عليه أن يفعلَ في الميدان وقدّم أقصى ما يمكن أن يُقدَّم ورحل. كان عليه أن يكسر الصمت في تيه الصحراء الرتيب وفعل"َ.

وأضاف "لقد عَرفَ كيف يمنحُ أجيالا من مجايليه ومن الأجيال اللاحقة الشغفَ بالحق والعدل... فبتلك القدرة العجيبة التي أوتيها قلّة، منحَهُمْ الرغبةَ في امتلاك التاريخ بدل الارتهان له، منحهم الرغبةَ في تغيير الواقع بدل الخضوع له".

كما استمع الحضور إلى كلمة أسرة المناضل سميدع التي قرأها د. محمد محمود سميدع، وأثنى فيها على هذه التظاهرة، قائلا "لا يسعني في بداية حديثي هذا إلا أن أشكر جزيل الشكر وأمتن عظيم الامتنان إلى مجموعة سدنة الحرف على كل الجهود التي يبذلونها من أجل الوقوف مع قضايا أمتنا الإسلامية والعربية سواء تعلق الأمر بتخليد قضاياها أو تعلق الأمر بإنصاف وتخليد زعمائها على مر التاريخ، ومن هنا يأتي الشكر مضاعفا بالنسبة لنا كموريتانيين بشكل عام، وبشكل خاص بالنسبة لنا كأفراد عائلة المناضل والبطل الشهم سيدي محمد سميدع – رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته، ولا غرابة في ذلك فهم خيرة من خيرة".

وأضاف "فلهم منا جميعا أسرة ومسمى كل الشكر والتقدير والعرفان بالجميل، على هذا الاهتمام من خلال تخصيص دورة الشاعر والأديب الأريب الدكتور: أدي ولد آدب حفظه الله ورعاه، وأطال عمره، لفقيدنا وفقيد الوطن ككل المرحوم سيدي محمد سميدع".

هذا، وتميز الحفل بمحاضرة قيمة ألقاها الكاتب الصحفي والمناضل الشهير محمد عبد الله بليل، عرف من خلالها بالمحاور المتعددة لسيرة حياة ونضال الرمز الراحل سميدع، معرفا بأهم محطات حياته وتأثيره في النخبتين النضالية والإبداعية.

وبدوره، نوه الشاعر الكبير أحمد ولد الوالد الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين بهذا الحفل الإبداعي التكريمي الذي تنظمه "سدنة الحرف"، ويكرم دور المناضل التاريخي سميدع.

وأشاد ولد الوالد بالاسم الذي حملته الدورة هذا العام "دورة الشاعر د. أدي ولد آدب".

هذا، وأثارت القصائد الفائزة التي ألقيت حماس جمهور تجاوب معها بالتصفيق والوقوف للشعراء تقديرا لإبداعهم.

 

 

 

نص كلمة الشاعر د. أدي ولد آدب

  

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخوتي الأعزاء "سدنة الحرف" الجميل، رمتم مرابطين في ثغور الإبداع من الماء إلى الماء

 

إن إحساسي بهذا التكريم مضاعف دورات فلكية.

أولا: لأنها المرة الأولى التي أكرم بهذا المستوى، في وطني

 

 

ثانيا: أنها المرة الأولى التي يقرن فيها اسمي، باسم جائزة شعرية وطنية إبداعية راقية مثل هذه.. بعدما اعتذرت مرات عن اقتراح السدنة لاسمي في بعض دوارات المسابقة الماضية، تقديما لأسماء ثقافية وفكرية وشعرية أراها أجدر مني بذلك التكريم، وما تزال هناك أسماء أخرى أجدر مني بهذا،  لكنكم لم تتركوا لي حق الاعتراض هذه السنة.

 ثالثا: أن اشتراك اسمي لهذه الدورة مع اسم سميدع، المناضل الرمز/ الراحل/ / الغائب/ الحاضر هو إضافة نوعية في التكريم كانت من حسن حظي.

 

رابعا: أن الطاقات الشبابية الإبداعية التي شاركت في هذه الدورة بالذات، كانت إضافة نوعية للمشهد الشعري الحداثي الأصيل، زادت من تكريمنا بما قدمته من نصوص طافحة بالشعرية، تمكنت باقتدار فائق من استلهام الرمزية الثورية النضالية الإنسانية لفارسها البطل الفكري سميدع.

وبما أني أدعي أني اشترك مع الرمز المكرم في الخلفية الثورية، التي تؤمن بالمثقف الثوري، المثقف العضوي، بمفهوم اكرامشي، الذي لا يمتهن الحربائية في تلونها، ولا الضفدعية في نقيقها، فأني أحب أن ألقي نص " أنا سيد الثورات"، الذي كتبته 2011، في مهب ثورات الشعوب العربية ، التي كانت دوافعه ومنطلقاتها مسوغة، ومشروعة، لكن مآلاتها احترقت...حيث أردت في هذا النص أن أقول: إن الثورة ينبغي أن تكون داخلية تعتمل في وجدان الثائر وفكره، قبل أن تنتقل إلى الخارج.

 

 

 

أنا سيد الثورات

 

 الأرْضُ.. ترْجُفُ..

تحْتَ أقدام الطواغيتِ..

السّمَا غَضْبَى.. الأعاصِيرُ..

الجماهيرُ.. الحشودُ.. الثوْرَةُ الكُبْرَى..

على الأصْنامِ.. والأنْصابِ..

والأزْلامِ!

 

أنا طائرُ الفينيقِ..

أُبْعَثُ مِنْ رَمَادي.. هكذا..

أنا ماردٌ..

أبْطلتُ طلْسَمَ قمْقمي..

أنا قادِمٌ..

إنِّي " سُليْمَانُ " الزَّمَانِ..

مُسَلّحٌ بالعِلْم والإعْلام!

 

قدْ جئتُ أنْسخُ "آيةَ الكُرْسِيِّ"..

في شرْع الطغاةِ.. الخالِدينَ..

بـ "سُورةِ الناسِ" الأُباةِ.. الرافِضينَ..

"مُؤبَّدَ الأحْكام"

 

"ارْحَلْ"..

أنا الشعْبُ المُدَجَّجُ بالرُّؤى..

"ارْحَلْ".. نَشِيدي..

وَحَّدَ الأوْطانَ..

ألْغَى زُورَ هاتِيكَ الحُدُودِ..

العُرْبُ تَهْتِفُ كُلُّها-مِلْءَ الشوارع-:

أيّها الجَبَّارُ.. "ارْحَلْ"

بَطشُكَ الدَّامي..

بلا جَدْوَى..

جدارُ الرُّعْبِ.. قدْ أهْوَى..

لَدُنْ هَبَّتْ عَواصِفُ

ثوْرَتي.. بسَلام!

 

أنا لسْتُ أمْلكُ مِنْ سِلاح..

غيْر مُسْكةِ كبْريا..

تأْبَى الحَياةَ.. بلا حَيَا..

أُفٍّ عَلى خُبْزٍ.. بلا عِزٍّ..

على وَطنٍ.. بلا سَكَنٍ..

على عِلْمٍ.. بلا طعْمٍ..

على حُكْمٍ.. بلا عِلْمٍ..

أنَا حُرٌّ..

أوَاجِهُ مَنْ يُهينُ مَقامي!

 

أنا لسْتُ أمْلكُ مِنْ سِلاح..

غير صَدْري.. عاريًا..

خَبَّئتُ فِيهِ القلبَ.. قنْبُلةً..

مُعَبَّأةً.. بنبْض الحُبِّ..

والأحْلامِ.. والآلامِ!

 

أنا لسْتُ أمْلكُ مِنْ سِلاح..

غير جَبْهَةِ ثائِرٍ..

تَهْوَى الشّمُوخَ..

بوَجْهِ كلِّ مُكابرٍ..

ومُتاجرٍ..

بالزيْفِ.. والأوْهامِ!

 

أنا لسْتُ أمْلكُ مِنْ سِلاح..

غير صوْتٍ.. لا يُباعُ..

ولا يُحاكِي البَبَّغا..

بالحق يَصْدَعُ.. لا يُراعُ..

يُعَطِّرُ الآفاقَ.. بالأنْغامِ!

 

أنا لسْتُ أمْلكُ مِنْ سِلاح..

غيْر عَيْنيْ شاعِرٍ..

تسْتشرفان.. غدًا جَميلا..

في دُجَى قبْح الظلام الطامي!

 

 

أنا لسْتُ أمْلكُ مِنْ سِلاح..

غيْر هاتيْن اليديْن..

لغيْر رَبِّي.. لمْ تُمَدَّا

تُتْقِنانِ.. إشارَة َالنصْرِ..

التحَدِّي..

تَصْنعانِ السِّحْرَ..

بالأزْرارِ.. والأقلام!

 

أنا لسْتُ أمْلكُ مِنْ سِلاحٍ..

غيْر عَقْلٍ..

خبَّأ الأعْصَارَ..

والأقْطارَ..

والأفْكارَ..

تحْتَ الزرِّ..

إنِّي سَيدُ الثوْراتِ..

رَبّ السِّلْم..

فالحُكَّامُ - منذ الآن-

طوْع زمامي

                                     2011

 

شكرا لكم.

أدي ولد آدب

 

 

 

نص كلمة د. بدي ابنو:

 

 

 

 

أخواتي الفاضلات، إخوتي الفضلاء،

 

 

 

 

يقول صديقي الشاعر الكبير أدي ولد آدب:

 

"كمْ شاعِرٍ.. خَطَّ فَوْقَ الـرَّمْل.. قــافِيةً

وبَثَّ أطلالَهُ.. شكْـوَى الهَـوىَ.. ذِكَرَا

فكُلُّ حَبَّةِ رَمْلٍ.. هـا هُــنا.. ثـَـمِــلَــتْ

بالشِّعْر.. فاسْمَعْ صَلِيلَ الرَّمْل.. قدْ شَعُرَا"

 

شكراً لسادنات الحرف ولسدنته، شكراً جزيلاً لكلّ المشاركات والمشاركين،

 

إنه الشعر والأرض والتاريخ، أو كما قال يوما المرحوم الشاعر الكبير محمد ولد عبدي "هو الشعب أرضٌ، هي الأرضُ شعبٌ، هما الشعر..."،  شكرا لكمْ ... فمعكم يلتقي التاريخ بالتاريخ، إنها قصائد عظيمة في ذكرى رجل عظيم، قصائد يعانق فيها الإبداع  معنى الفعل، يعانق القولُ التاريخي معنى الفعل التاريخي ووجهتَه في ذكرى رجل سيتحدّث بلاشكّ عنه يوماً تاريخ هذه الأرض كثيراً.      

 

 

 

أيتها الفاضلات، أيها الفضلاء،

 

 

 

كما تعرفون لم يعش طويلاً المناضلُ الرمز سيدي محمد سميدع - رحمه الله برحمته الواسعة – ، فقد توفي وعمره يناهز الأربع وعشرين سنة. إنّه زمن قليلٌ إذنْ وتاريخٌ عظيم. لم يكن لديه متسعٌ من الوقت  لما ليس جوهرياً، لذلك اهتم بما عليه أن يفعلَ في الميدان وقدّم أقصى ما يمكن أن يُقدَّم ورحل. كان عليه أن يكسر الصمت في تيه الصحراء الرتيب وفعلَ.

 

لقد عَرفَ كيف يمنحُ أجيالا من مجايليه ومن الأجيال اللاحقة الشغفَ بالحق والعدل... فبتلك القدرة العجيبة التي أوتيها قلّة، منحَهُمْ الرغبةَ في امتلاك التاريخ بدل الارتهان له، منحهم الرغبةَ في تغيير الواقع بدل الخضوع له.

 

يصوِّرروائياً الشاعرُ الكبير أحمد ولد عبد القادر المراحلَ الأخيرة من مسار بابا الحكيم - الشخصية الرئيسة في روايته "الأسماء المتغيرة" - كمراحل مسكونة بذلك الوعي الذي اكتسبه الحكيم من معياشته أواخر الستينات للمدّ التعبوي الذي كان سميدع وهجه الأول. وسيكون أيضا بابا الحكيم شاهداً على الرحيل المبكر للمناضل الأيقونة. هكذا يقود تاريخ الألم الأسماء المتغيرة، يقود بالحرف وبما خلف الحرف الطفل موسى الذي أصبح سلاّك إلى أسماء منسية كثيرة. وبعد ما يناهز القرن من تقلب النكبات والأسماء، تفصل وضعية الطفل الضحية عن وضعية الأب الحكيم، أدرك الحكيم مع سميدع أن الحرية الفردية لا يمكن اكتسابها دون الحرية الاجتماعية، أن الحرية هي اسم آخر للعدالة، فبهما يمكن أن تُنجب الأسماء المتغيرة اسماً ثابتاً يخرج على سياط "الحجّابين" المحليين والجنود الغزاة. قال الحكيم وهو يودّع هذه الأرض “يا إلهي لشدّ ما تعذّب أبناء الأرض. نعم تعذبتُ فوق طاقة تحملي”، قالها بعد أن ساءل كثيراً مقاطع حاصة من مرثية أحمد ولد عبد القادر لسميدع:

"وما تنال سهولُ الأرض من دمنا

 سيســـتحيل أزاهـــيرا وأغـــــصانـا

تُخفي الترابُ بذورَ النبت تأكــله 

والنبت يخـترق الأجـواء ريــان"

         

 

قلةٌ هم الذين يعرفون كيف يمتنعون عن مجاملة الواقع والتاريخ، ويمتنعون عم مجاملة الغزاة والطغاة دون أن يستقيلوا من الواقع والتاريخ. سميدع هو الاسم العلم لتلك السنوات المحورية القليلة، بلْ لتلك السنوات اللانهائية، الأبدية، فقد سجّلَ بهدوءٍ رغم حصار المكان والزمان، سجّلَ بهدوءٍ  رغم قلّة ما منحه القدر من عمر، رباعية الحاء والراء والياء والتاء. إنها تلك الأحرف التي ستلهم أجيالاً وستمنح الآفاق الزرقاء ألواناً جديدة لم تعهدها، ونغماً سحرياً لم تكن تأبه له، وشجواً رسولياُ يجمع شموخ القتاد والباوباب بكبرياء النخيل وبصبر المجابات وحكمة مجمع البحر والنهر وبنبوئية الصحراء الشاسعة. وهو وأسماء أخرى غير كثيرة أصرّوا على أن تبقى التلال وفيةً لشرف التلال، وعلى  أن تستعيدَ البطاح عنفوان البطاح ... وهو وأسماء غير كثيرة منحوا الحدسَ الجماعي أحرفَ سرٍّ أصبحنا بها نرى في الأفق وعداً آخر وربابةً لم تُعزف بعد وشمساً بمستوى الشمس.

 

 

 

أخواتي الفاضلات، إخوتي الفضلاء،

 

ختاما أتمنى أنْ نقرأ الفاتحة معا واقفين على روح المرحوم سيدي محمد سميدع رحمه الله برحمته الواسعة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

 

 

 

أشكركم،

 

بدي ابنو