نظم "بيت الشعر - نواكشوط" ظهر اليوم (الخميس) ندوة أدبية بعنوان "الشعر في المدن القديمة: شنقيط وولاته نموذجا"، حاضر فيها اثنان من أبرز الأساتذة الموريتانيين وهما: الأستاذ عال المرواني المدير العام للمؤسسة الموريتانية لحماية المدن القديمة سابقا، ومحافظ المتحف الوطني سابقا، والشاعر الدكتور محمد الأمين الناتي، الوزير السابق، ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نواكشوط العصرية.
وتم بث الندوة مباشرة على منصات بيت الشعر - نواكشوط على شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة اليوتيب والفيس بوك.
وكان بيت شعر نواكشوط قد أعلن بث المحاضرة بشكل مباشر مطالبا جمهور البيت بالتزام البقاء في المنازل طبقا لتوصيات الجهات الصحية نظرا للوضعية التي تعيشها موريتانيا حاليا جراء الموجة الثانية من وباء كوفيد 19.
وأكد الأستاذ د. عبد الله السيد مدير بيت شعر نواكشوط في مستهل الندوة أن بيت الشعر قرر مواصلة إحياء الساحة الإبداعية والثقافية عبر الوسائل المتاحة كمسعى أيضا لمقاومة الوباء ورفع المعنويات من خلال إنتاج ثقافي وإبداعي متميز.
وقدم المحاضرين معرفا بمسيرتهما الوظيفية والعلمية والأدبية.
وبدأت الندوة بالمحاضرة الأولى التي ألقاها الأستاذ عال المرواني تحت عنوان "الشعر في ولاتة من النشأة إلى اليوم"، وتحدث فيها عن تأسيس مدينة ولاتة التي تتموقع على خط التقاء الحضارات السودانية ( الغانية، السنغاي الاساكاي)، والتي تأثرت بها بل وخضعت لهيمنتها ردحا من الزمن، حيث عرفت المدينة عبر التاريخ عدة أسماء أو تجمعات قروية.
وقال إن مدينة ولاتة تميزت بكونها من أهم مدن "التكرور" التي انتشرت بها الثقافة العربية الإسلامية، بفعل مؤثرات خارجية من هجرات ونقل للعلوم من منتسبيها، كقدوم المحاجيب من الجنوب الجزائري.
وأشار إلى أن ولاتة ظهرت فيها أنظام أو أنواع من الشعر منذ القرن التاسع الهجري.
وتكلم عن أجيال الشعر الولاتي وفنونه مستخلصا
"أن الشعر في ولاتة عرف حقبا زاهرة، تستحق التوثيق والنشر وإلا فسيظل مجردة تقييدات أو مرويات شفهية تستدعى التدوين والجمع".
أما المحاضرة الثانية فقد ألقاها الدكتور محمد الأمين الناتي، وهي تحت عنوان " الشعر في مدينة شنقيط في النصف الأخير من القرن العشرين.. الهموم والخصوصية".
وبدأ المحاضر باستعراض السياق والمدونة الشعرية لمدينة شنقيط في هذه المرحلة، قائلا "سنحاول تجلية جوانب من التشكيل الشعري، المحكوم باقتضاءاته، في سياق يغني عن تحديد بعده المكاني إنماؤه إلى شنقيط المدينة؛ مثلما يعفي من عناء البعد الزماني "النصف الأخير من القرن العشرين"؛ غير أن كلا البعدين، مُسوِّغ تقييد، يقوي قوة القول الأكيد الإلماح به".
كما حدد البعد الزماني لمداخلته واقفا عند "النسق الشنقيطي الرئيس، في بعض تمثلاته، في نسق فرعي، هو الشعر"
ووقف عند بعض أعلام المدينة قائلا
"لئن كان هذا النسق في فعله المكين محليا؛ يتمثل في السلوك والمواقف في المدينة، ويرعاها بكل حيطة، فإن له مفعولات محلية وإقليمية، مثلت الصرامة، ونحن ـ هنا ـ معفيون من تتبع غير المحلي من تلك المفعولات؛ وقد تبدت الخلفية النسقية في النظرة إلى الزمن، في أبعاده الثلاثة: الماضي والحاضر والمستقبل".
وفي محور " الشعر والفعل النسقي"، قال المحاضر إن "محاولة تلمس ترسمات هذا النسق العام، ليست هي ما نسعى إليه ـ في وقفتنا هذه ـ وإنما نبغي تجلية تمثله في نسق فرعي، هو الشعر؛ لنبلور أثره في التماهي والتكيف، أو في الرفض والتأبي... ولئن أقررنا أن الشعر لم يكن الصوت الأقوى في شنقيط، فإن لنا أن نبوئه منزلته، على أنه فعالية، ذات أثر في فعل ثقافي، حيوية أنساقه الفرعية هي محدد قيمة الشعر ودوره؛ وذلك من أوجه المرونة النسقية، التي أعقبت حضور الشعر، بلونيه الفصيح والعامي؛ رغم أن الاحتفاء به، قبل النزوع إلى المرونة، كان ضعيفا؛ حيث منظومة الأفكار السائدة في المدينة بدت يومئذ وكأنها تزحزحه ـ على الأقل ـ إلى هامشها؛ ولم يقو على منافسة ألوان النتاج الفكري الأخرى".
واستعرض المحضار نماذج من إنتاج شعراء مدينة شنقيط خلال مختلف مراحل تاريخها.