بإشراف سام من فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمّد ولد الشيخ الغزواني، انطلقت صباح اليوم بقصر المؤتمرات أعمالُ جلسات أيام التشاور الوطني حول إصلاح نظامنا التعليمي الوطني.
إن حضور فخامة رئيس الجمهورية دليل على حكمة بالغة في منح التعليم ما يستحق من أولوية ومن عناية من لدن السيد الرئيس، وقد تجلى ذلك واضحا من خلال برنامج تعهداتي الذي احتلّ فيه التعليم محل الصدارة على غيره، إصلاحًا للمسار وتوفيرا للوسائل والإمكانات وتحسينًا لظروف العاملين بالقطاع مادّيا ومعنويا.
كما تجلى اهتمام فخامة الرئيس بالتعليم وعنايتُه به في حسن اختياره الرجلَ المناسبَ للتعليم في الظرف المناسب لإصلاحه، تنفيذا لتعهداته في برنامجه الانتخابي.
فشكرا جزيلاً، فخامةَ الرئيس، وثناءً ثمينًا.
وما الحشد الجماهيري الهائل الذي حضر اليوم إلى قصر المؤتمرات عن قناعة بوجوب التغيير وبإيمان راسخ بضرورة إجراء الإصلاح التربوي إلاّ دليلُ تقديرٍ للرعاية التي يمنحها فخامة رئيس الجمهورية لقطاع التعليم.
تميز الخطاب الذي ألقاه معالي وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي، السيد محمّد ماء العينين ولد أيّيه في افتتاح المشاوات حول إصلاح التعليم بالاعتدال في الطرح والوضوح في الرؤية والتصميم على بلوغ الأهداف بالتشاور والاستماع إلى الآراء ومناقشة رؤى كل من له بالتعليم صلة "مباشرة" بالتخصص أو بالوظيفة، تدريسا أو تسييرا، إشرافا إداريا أو تربويا،
ومن له به صلة "غير مباشرة" من المهتمين بتربية الأجيال الغيورين على مستقبل المدرسة الموريتانية.
حضر هذا اليوم المشهود كلُّ من يجب أن يحضر ممّن له في التعليم موطئ قدم أو مطرح أصبع، فلم تنتهج الوزارة سياسة الإقصاء ولم تتبع مبدأ التهميش الذي عانت منه كثير من مكونات الطيف التربوي والنقابي والسياسي والمدني والإعلامي في سالف الأزمان.
حضر المدرسون الميدانيون، حضر أهل التعليم: ما قبل المدرسيّ، محو الأمية، الأساسيّ والثانويّ، الأصليّ والعالِي.
حضرت نقابات التعليم في سكينة ووقار، دون تخوين ولا تبادل للتهم ولا إلقاء باللائمة على المجهول.
حضر أهل السياسة، أحزابًا وأفرادًا، حضرتْ رابطاتُ وكلاء التلاميذ، حضر الخبراءُ وأهلُ الذكر من أقطاب "التربية" والتعليم، السابقين منهم والذين جاؤوا من بعدهم.
حضر المجتمع المدنيُّ، وحضر "المجتمع العسكري" بإتقانِ تأمينِ قصر المؤتمرات ومن فيه وما حوله.
[بقي أن يستحضر المشاركون صدق النّية والضميرَ التربويّ الحيَّ الصادق] الذي يُوَلِّي الظهر للمصالح الآنية الأنانية الضيقة ويتخلّى عن معارضة المجهول إيثارًا للمصلحة العليا لهذه البلاد ولأبناء هذه البلاد، ضمانا لإعادة تأسيس المدرسة الموريتانية التي يتفيأ ظلالَ أقسامِها أبناءُ موريتانيا، كلُّ أبناءِ موريتانيا، دون إقصاء ولا تهميش، دون زعزعة للأمن ولا تشويش، دون تسييس للساحة التعليمية بالشعارات الفارغة ولا تدنيس.
نريد مدرسة موريتانية يتفق أبناؤها على أن يتّفقوا على توحيد لغة التدريس، لغةً جامعة للُّحمة، مانعة للفُرقة، موسعين الصدر لدراسة وتدريس لغاتنا الوطنية، معتمدين لغة انفتاح تربطنا بالآخر وتربط بنا الآخرَ في علاقات مبنية على الاحترام، احترامِ ثوابتنا الدينية وخصوصيتنا اللغوية وتنوُّعنا الثقافيِّ واختياراتنا الوطنية.
ولن يتأتى الإصلاح المنشودُ بحال من الأحوال ما لم تُحسّن الظروف المادية والمعنوية للكادر البشري لقطاع التعليم من مدرسين وإداريين وهيئات تأطير وإشراف، بزيادة الرواتب وبالتكوين المستمر، بتحسين الخبرة وبتقويم المكتسبات حتى نحدّد بدقة مكامن الخلل ومواطن الاختلال التي تعيق مسار تطور تعليمنا وتعطل مواهب أبنائنا.
فقد سئمنا البكاء على الماضي وعجزنا عن إصلاح الحاضر...فهل سنتفقُ، خلال خمسة أيام، على أن نتفق على صناعة مستقبل تعليمي يضمن إقامة مدرسة وطنية جمهورية تتساوى فيها الفرص وتمّحي فيها كلُّ "علل" التباعد بين مكونات شعبنا وأسبابه؟؟؟.
ذلك ما نرجو من الله وما منه ننتظر.
شكرا لكم، معالي وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي، السيد محمد ماء العينين ولد أيّيه على وضوح رؤيتكم الإصلاحية وعلى تشبثكم بطرحكم المستنير حتى أوصلتم سفينة الإصلاح مرساها بثباتٍ وبقوةِ عزيمةٍ وبإيمان راسخٍ بالمصلحة العليا لهذا البلد، وبحرص واعٍ على مراعاة مصلحة أبنائه.
كم كانت هذه اللحظة بعيدةً، وكم كان هذا الموقف صعبَ المنال، [ولكن المشُورةَ وعدمَ الاستئثار بالرأي والأناةَ وسعةَ الصدر وصدقَ النيّة ومراعاةَ المواقف المتغيِّرة]، كلُّ أولئك كان عن تحقيق التوفيق وبلوغِ المرام مسؤولاً.
وفقكم الله وسدّد على درب الإصلاح خطاكم وكان لكم ناصرًا ومُعينا.
آمينْ.
ابّوه ولد محمَّدن ولد بلبلاّه.