قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه لا يستبعد إمكانية إجراء محادثات مباشرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في دونباس، فيما أعلنت واشنطن جاهزية دول السبع لفرض عقوبات مشددة على موسكو في حال هاجمت أوكرانيا.
جاء ذلك بينما يتواصل في بريطانيا اجتماع لوزراء خارجية الدول السبع بهدف الاتفاق على موقف موحد ضد روسيا بشأن الأزمة الأوكرانية.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الولايات المتحدة لا تزال ترصد حشدا كبيرا للقوات الروسية قرب حدود أوكرانيا، وسط مخاوف غربية من غزو روسي محتمل للأراضي الأوكرانية.
ومن جانبه، قال الرئيس الأوكراني في تصريحات نقلتها وكالة "إنترفاكس" إن فكرة لقائه مع الرئيس الروسي بهدف التوصل إلى حل للأزمة بين البلدين تحظى بدعم أوروبي وأميركي.
وأضاف أن الكثير من الدول تبذل كل ما في وسعها لوقف الحرب في شرق البلاد.
كما شدد على ضرورة عدم المساس بدور "رباعية النورماندي" كمرجعية لحل الأزمة.
وتضم "رباعية النورماندي" روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا، وعقد آخر اجتماع للرباعية على مستوى القمة في ديسمبر/كانون الأول 2019 في باريس.
وتشهد العلاقات بين كييف وموسكو توترا متصاعدا منذ نحو 7 سنوات، بسبب ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في إقليم دونباس.
غضب روسي
في المقابل، انتقد نائبا وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو وسيرغي ريابكوف، موقف كل من الدول الغربية وواشنطن وحذرا من التدخل في شؤون روسيا.
وقال أندريه رودينكو نائب وزير الخارجية الروسي إن بلاده لن تسمح بأن يجري التحدث معها بما سماها "لغة الشرطي المستعلية"، وعبر استخدام الابتزاز والتدخل في شؤونها الداخلية.
وأضاف رودينكو -خلال مشاركته في مؤتمر بالعاصمة البيلاروسية مينسك- أن بلاده سترد على هذا الأسلوب بشكل قاس وحازم، على حد تعبيره.
واعتبر أن مشكلة الغرب تكمن في عدم استعداده للاعتراف بتشكل عالم جديد متعدد الأقطاب، وفي سعيه المستمر لحل المشاكل بالقوة، معتمدا على أدوات العقوبات غير القانونية، حسب تعبيره.
وجدد رودينكو استعداد بلاده لتطوير علاقاتها مع جميع الدول -بما فيها الغربية- على مبدأ المساواة والاحترام والقانون الدولي.
وكان سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي قد حذر واشنطن وحلفاءها من تجاهل هواجس بلاده الأمنية، موضحا أن تركيز بلاده ينصب على إيجاد حل سياسي للأزمة.
موقف موحد
وفي السياق، تستضيف مدينة ليفربول بشمال إنجلترا اجتماعا لوزراء خارجية الدول السبع (المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، واليابان، وكندا)، وذلك بهدف تشكيل جبهة موحدة ضد ما تسميه العدوان الروسي تجاه أوكرانيا.
وقبيل انطلاق الاجتماع عبرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس عن قلقها العميق إزاء الحشود العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا.
وقالت تروس إن أي عمل عسكري روسي في أوكرانيا ستكون له عواقب وخيمة على موسكو، وسيمثل خطأ إستراتيجيا.
كما دعت تروس دول المجموعة إلى تقليل الاعتماد الإستراتيجي على الغاز الروسي.
عقوبات مشددة
ومن جانبها، جددت الولايات المتحدة دعوتها روسيا لاحتواء التوتر مع أوكرانيا، مؤكدة أن القوى الغربية الكبرى مستعدة لفرض عقوبات "شديدة" على موسكو في حال وقوع هجوم.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه أوضح لنظيره الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا ستدفع "ثمنا باهظا" وستواجه عواقب اقتصادية مدمرة إذا غزت أوكرانيا.
لكن بايدن أكد أن احتمال إرسال قوات برية أميركية إلى أوكرانيا في حالة الغزو الروسي "ليس مطروحا على الإطلاق"، على الرغم من أنه سيكون لزاما على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إرسال المزيد من القوات إلى دول الجناح الشرقي بالحلف لتعزيز دفاعاتها.
وقالت مسؤولة أميركية موجودة في ليفربول للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية دول السبع إنه لا يزال ممكنا حل الأزمة الأوكرانية الجديدة "عبر الدبلوماسية".
ولهذا الغرض، أعلنت الحكومة الأميركية أنها ستوفد مساعدة وزير الخارجية المكلفة شؤون أوروبا كارين دونفريد إلى أوكرانيا وروسيا بين الاثنين والأربعاء، سعيا إلى إحراز "تقدم دبلوماسي يضع حدا للنزاع في دونباس" بشرق أوكرانيا، وذلك "عبر تنفيذ اتفاقات مينسك".
غير أن المسؤولة الأميركية نبهت إلى أنه إذا قررت روسيا "عدم انتهاج هذا المسار" الدبلوماسي "فستكون هناك عواقب شديدة وثمن كبير لدفعه، ومجموعة السبع موحدة تماما على هذا الصعيد".
وأضافت "ليس فقط الدول التي كانت في القاعة بل هناك عدد أكبر من الدول الديمقراطية ستنضم إلينا لتدفيع (روسيا) الثمن".
دعوات للتهدئة
بدوره، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) ينس ستولتنبرغ روسيا إلى خفض التوتر واحترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
وأضاف ستولتنبرغ -في مؤتمر صحفي مع وزيري الخارجية والدفاع الفرنسيين- "تحدثنا اليوم عن التعزيزات العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا والتي تهدد الأمن الأوروبي"، مشددا على أهمية التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي للأزمة.
وضمن جهود التهدئة والدفع بالحل السياسي، دعا المستشار الألماني أولاف شولتز إلى محادثات رباعية جديدة مع روسيا لتهدئة التوتر مع أوكرانيا.
وقال شولتز إن هدفنا الأول هو تجنب أي تصعيد للتوتر، وتوفير أرضية عمل مشتركة بين أوكرانيا وروسيا.
من جهته، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -في مؤتمر صحفي مع شولتز- إلى تجنب التصعيد، وشدد على ضرورة الحوار بين الأطراف المعنية.
المصدر : الجزيرة + وكالات