نظم بيت الشعر ـ نواكشوط مساء اليوم الخميس 27 يناير 2022 بحديقته ندوةً نقدية في إطار سلسلته "مقاربات نقدية" تحت عنوان "السرديات العربية: الحضور والإمكانات" حاضر فيها كل من الأستاذ الدكتور محمد الأمين مولاي ابراهيم، أستاذ النقد وتحليل الخطاب ومدير مدرسة الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نواكشوط العصرية، والأستاذ الدكتور الروائي محمد تتا الأستاذ الباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية؛ وأدار الجلسة النقدية الدكتور إزيد بيه محمد البشير الأستاذ الباحث في قضايا السردية العربية.
وفي بداية كلمته قدم الدكتور إزيد بيه الموضوع والمحاضرين وأحال الكلام إلى الأستاذ الدكتور محمد الامين مولاي ابراهيم الذي أوضح أن للسرديات العربية "صياغات نظرية ومنهجية ذات مكانة علمية ملحوظة، أدت إليها التراكمات النظرية والمنهجية التي عرفتها النظرية الأدبية المعاصرة، وآلت إليها التحولات النقدية والإبدالات المنهجية، في التجربة العربية على يد جيل الرواد من السرديين العرب، في انتقالها من النقد البنيوي للسرد إلي السرديات في الربع الأخير من القرن العشرين"
وأكد أن السرديات العربية مرت بثلاثة تحولات نظرية ومنهجية، يمكن تمييزها من خلال جيلٍ من السرديين يظهرون كل عشر سنوات تقريبا، وكانت تلك التحولات مرتبطة عادةً بصدور كتاب أو ظهور مؤلف، مشيرا إلى قوة مشاريع رواد السرديات العربية من أمثال عبد الله إبراهيم وسعيد يقطين وسيزا قاسم ومحمد القاضي… إلخ!
ووقف عند السريين الأوائل ومن أسماهم بـ"السردين التوسعيين"، وهو لا يخفي انحيازه وانتماءه لجيل من الباحثين يسعون "لمراجعة السرديات الكلاسيكية ومساءلة طرحها بما يخدم الفكر النقدي، ويطور علم الأدب، وينقل قضاياها وأسئلتها الى دوائر من البحث العلمي، تنشغل ب" الأدبي" من النص، موضوعا "لسرديات كلاسيكية جديدة"، وتنخرط بمشاغلها العلمية وأسئلتها المنهجية في مشاريع السرديات ما بعد الكلاسيكية، تنويعا لموضوعاتها وتطويرا للفكر النقدي الأدبي، وتمسكا بخياراتها النظرية والمنهجية، التي يتأسس عليها علم الأدب."
بعد ذلك تناول الكلام الدكتور محمد تتا مفتتحا بتحديد ثلاثة أنماط من المقاربات السردية، وهي النظريات السردية، السيميوطيقا السردية و السرديات؛ شارحا كل مقاربة على حدة. وأردف: "بدأ التنظير للسرد قديما، مع شعرية أرسطو، الذي نظر للملحمة والتراجيديا، ولكن ينبغي الاعتراف بأن ظهور الرواية في العصر الحديث قد أربك النظرية الأدبية، وفرض نفسه كموضوع للبحث على الفلاسفة والنقاد ومنظري شعرية الخطاب. وكان لا بد من قامة فلسفية بحجم هيجل لإعادة الانسجام إلى النظرية الأدبية بإسهاماته المعروفة في علم الجمال."
واسترسل في الحديث حول المقارنة بين مختلف المقاربات السرية مؤكدا أنها جميعا أو معظمها "تتبنى أطروحة السرديات وتتزيا بلبوسها وإن لم تكن في أحيان كثيرة ترتكز إلا على القراءات والتطبيقات العربية. وثمة العديد من الأسماء التي أصبحت تمثل سلطة علمية في المجال على امتداد العالم العربي"
واختتمت الندوة بنقاش بين الجمهور والمحاضرين، من خلال تعليقات وتعقيبات وأسئلة وأجوبة.