حصيلة 2016.. أزمة الشيوخ وحوار الجمهورية الثالثة

ثلاثاء, 2017-01-03 09:31

 

مواضيع ذات صلة

تنقضي سنة 2016 ومعها فصل جديد من التجاذبات السياسية في موريتانيا، ميزها حوار سياسي غابت عنه أبرز الاحزاب المعارضة في البلاد، ومخرجات تنتظر التجسيد، أجاب الحوار عن وضع مجلس الشيوخ والعلم والنشيد الوطينين، وأعطي  جوابا معلقا بخصوص المأمورية، فيما بقيت كل الورشات الأخرى وفقا لمقاطعى الحوار مجرد ديكور لتلميع مشهد يرى أصحابه فيه  بداية تأسيس لجمهورية ثالثة. 

الشيوخ والمأمورية الاخيرة 
                       
اتفق كل المجتمعين فى قصر المؤتمرات على ما سمي بمخرجات الحوار وكان أبرزها إلغاء مجلس الشيوخ الغرفة العليا فى البرلمان، عام عصي يودعه أعضاء مجلس الشيوخ بدأ بدعوة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى إلغاء المجلس فى خطاب النعمة منتصف مايو الماضي، برر الرئيس دعوته بحاجة السرعة إلى المصادقة على القوانين والاتفاقيات التى تبرمها الدولة وهو ما تعرقله البنية التشريعية الحالية، تعهد الرئيس بإبدال الشيوخ بمجالس جهوية منتخبة محليا، وساق أعضاء من الحكومة وبعض من الأغلبية الحاكمة خلال شرحهم مضامين خطاب النعمة مبررات أخرى كادت تشعل أزمة بين القصر والمجلس لولا تدارك الرئيس لها وترضيته للشيوخ،  وصل الأمر حد القطيعة المكتومة بداية، قبل أن يمتنع الشيوخ عن استقبال أعضاء الحكومة، أوقف ولد عبد العزيز اشتعال الفتيل وصمت الشيوخ وإن بقي فى أنفسهم شيء من وصف مجلسهم بالعجز، وذى الأعباء على ميزانية الدولة، يجمع المراقبون أن موريتانيا المقبلة ستكون ببرلمان من غرفة واحدة، وربما بنظام حكم جديد غير النظام الرئاسي التقليدي. 
  
العلم والنشيد إلى الزوال 

إذا كان الرئيس الموريتاني قد صرح بإرادته إلغاء مجلس الشيوخ فإن النشيد والعلم  لم يُصرح علنا بتغييرهما قبل إطلاق الحوار السايسي، وإن كان تغيير النشيد قد قفز على صفحات مدونين مقربين من الحزب الحكام قبل ذلك، لم يختلف الموريتانيون على شيء من نقاط الحوار كاختلافهم على قصة النشيد والعلم ، مع بداية الحوار الممدد أكثر من مرة دفع الحزب الحاكم بوثيقة ضمنها رؤيته للنقاط المطروحة للحوار ومن ضمنها تغيير النشيد والعلم،  تعلة الحزب فى ذلك ألّا حس وطني جامع بين ثنايا النشيد، وهو على رأي بعضهم لجهة دون باقي موريتانيا، أما العلم فاقترح الحزب إضافة خطين أحمرين له، واحد لمن قضوا دفاعا عن الوطن، والآخر لمن ينتظرون، كانت هذه المطالب محل تندر عند المقاطعين للحوار، برأيهم ترك الحزب قضايا أكثر أهمية تحدد مصير الأمة ، ما الذى سيضيف تغيير العلم والنشيد لاقتصاد موريتانيا الغارق فى الركود؟، ظهرت أسئلة على هذه الشاكلة فى بيانات المعارضة المقاطعة للحوار، كان خطاب ولد عبد العزيز كله دندنة حول هذه الأفكار، تهكما أحيانا، وبحدة أثناء حديثه عن الإنقلاب والمأمورية الثالثة،  وصف المعارضون حينها الحوار بالعبثي مادام قد اتفق مسبقا على مخرجاته. 
  
المأمورية..الجواب الصادم 
  
كان تصريح الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز حول ترشحه للمأمورية  الثالثة صادما لكل أطراف المشهد السياسي بمعارضته وموالاته، وقف ولد عبد العزيز بعد دقائق من مطالبة رئيس الحزب الحاكم العبور بموريتانيا نحو المستقبل ليعلن أنه لن يغير الدستور فيما يخص المأموريات، معيدا بتبجح وفقا لمعارضيه سوابقه فى الانقلابات الماضية، أخرج ولد عبد العزيز دعوة ولد محم من السياق، تماما كما امتصت جدران قصر المؤتمرات  دعوة ناشط بالحزب الحكام لوضع نظام ملكي ينصب  فيه ولد عبد العزيز ملكا على موريتانيا  وأخذ البيعة له من ورشات الحوار، أشعلت النبرة الزاهدة فى الحكم للرئيس خلافات مكتومة بين أطراف الأغلبية على خلافة الرئيس بعد انتهاء مأموريته 2019. 

لم تكن جلسات الحوار الوطني لتمر دون تسجيل بعض الطبقة السياسية ثمنا لمشاركتها فى حوار ما كان ليبدأ لولا وجودها ، بعض كتل أحزاب المعارضة  الناصحة أو المحاورة سبق لبعضها أن أنقذ حوارا آخر عام 2011 ، فيما  قاطع الحوار  فى أيامه الأخيرة زعيم حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير، غمز ولد عبد العزيز فى أن مغاضبة مسعود كانت بسبب مطالب شخصية، وصرحت أطراف من الأغلبية بتركيز التحالف على فتح سن الترشح للرئاسة المحددة فى سبعين سنة تجاوزها مسعود، و معارضون آخرون، ربط الحزب الحاكم السن بفتح مواد المأمورية فى الدستور وهي المواد 26 و 28  المحصنتين، أخفقت الدعوات السابقة للحوار واللاحقة له إلى حد الساعة فى فك حصنهما. 

وعلى مقاطعتها للحوار بقيت أحزاب التكتل القوى الديمقراطية، وإيناد، إضافة إلى رفض المشاركة فى الإستفتاء على التعديلات الدستورية، سايرها فى ذلك المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة أكبر إئتلاف للمعارضة فى موريتانيا، بيد أن أحزابا من المنتدى أعلنت استعدادها لتقبل نتائج الحوار إن هي تماشت وما تدعو إليه، أغلب أحزاب المعارضة نوهت بتخوف، بإعلان ولدعبد العزيز أنه لن يكون عقبة فى وجه الديمقراطية بموريتانيا، فهم بعض المراقبين من ردود فعل المعارضة أن الطبقة السياسية فى موريتانيا ينحصر اهتمامها بالديمقراطية فى شقها الانتخابي فقط، جوانب اجتماعية واقتصادية أخرى تؤسس لديمقراطية حقيقية أغفلها الحوار والمعارضة، أوعلى الأقل فى تراشقهم قبل وأثناء وبعد الحوار. 
  
جانب آخر لم يحسم فيه التقرير النهائي لجلسات الحوار وهو آلية إجراء التعديلات الدستورية، بعضها يحتاج إلى استفتاء شعبي سيكون مكلفا لخزينة الدولة، يقول المقربون من دوائر الحكم إن ولد عبد العزيز سيستعيض عنه بمؤتمر برلماني فى الشهر الحالي يمرر من خلاله التعديلات المقترحة، ستجمع الخطوة بين السرعة وخفض التكلفة، تماما كما وقع عام 2012. 
  
إلى حد الساعة بقيت مخرجات الحوار السياسي في الورق  دون أن تنجح  فى إطلاق محرك الحياة السياسية فى موريتانيا، المشهد ذاته التقليدي معارضة مقاطعة، وأغلبية معززة بمعارضة تنشد مزايا السلطة فى انتظار ما تفرزه التعديلات المرتقبة، فيما تقول مصادر مقربة من دوائر الحكم إن السلطة تسعى إلى إبرام اتفاق سري مع بعض المعارضة الراديكالية تمهيدا  لحل سياسى لما تصفه المعارضة بالأزمة الداخلية، تكون مجمل الأطراف الفاعلة فى الساحة مشاركة بموجبه فى تسيير العملية السياسية بموريتانيا.